الخميس، 21 أبريل 2011

سلسلة صفحات من الماضي: غضب الجليد (قصة مرعبة سبق لي طرحها تحت لقب سايا)


مقدمة الكاتبة  


أحيانا قد يقودنا الغضب لإعمال وتصرفات لا يحمد عقباها..

فالغضب ليس فقط تصرف طائش ينشئ من الفراغ..

أو نتيجة ليلة واحده سيئة..

أو حتى وليد اللحظة...

فهو ليس مثل الهدوء قد نجده إذا أردناه..

أو حتى كالابتسامة قد تظهر متى ما أردنا..

الغضب مثل طفل صغير يعيش داخلنا و يتغذى من لحظات ضعفنا..

من مواقف انسحبنا فيها بينما كان الأفضل أن نصمد..

في النهاية الغضب يكبر مع كل نبضة حزن تخرج من قلوبنا...

لذلك من الجيد أن تصرخ بين الفينة والأخرى...

فأنت لا تعلم متى تنفجر قنبلة الغضب..

لأنها عندما تفعل فستشوه حياتك كلها...




~ غضب الجليد ~


سام: توقفي عن مضايقتي و إلا...

تمارا: وإلا ماذا؟؟

قالتها وابتسامه ماكرا على شفتيها...

فما كان من سام إلا أن ألقى بدمية تمارا بالبركة...

جحظت عيني تمارا من موقف أخيها.. فكل ما فعلته أنها كانت تمازحه بشأن صديقته..

ودون وعي منها قادتها قدماها إلى البركة باحثه عن دميتها..

سام: لقد منعنا والدنا عن السباحة بالبركة.. عودي..

تمارا: لن أعود قبل ان أجد سمانثا...

سام: سيشتري لك أبي واحده غيرها..

تمارا ودموع الحزن بعينها تصرخ على سام: ولكن سمانثا من أمي.. لن أسامحك إذا لم أجدها..

سام : سأخبر أبي..

وبنفس الخطوات السريعة التي ذهب بها إلى الكوخ.. وجد نفسه يعود إلى البركة مجددا على صرخات تمارا .. التي خالطت مياه البركة..

تجمد الوقت أمام سام... كالمياه عندما تعانق برد الشتاء.. اخذ يراقب أخته بقدم مرتجفة..

حتى بعد ان طفئ جسدها بكل سكون على سطح البركة.. لم يتحرك وقف هناك يراقب بصمت..

حتى أن أغصان الأشجار توقفت عن الكلام مع الرياح...


بعدها بخمسة عشر سنه وهو بعمر الخامسة والعشرين خريفا وقف نفس تلك الوقفه وهو ينظر إلى حب حياتي يسير بثوب ابيض ناصع كالثلج...

ومرت بجانبه بكل خيالا ولم تنظر إليه.. سارت بثقة نحو رجلا آخر...

وقف سام يتأملها وهيا تبتسم بجانبه..

ولم يتحرك بقي طوال الحفل بنفس مكانه.. كما لو ان الوقت تجمد مجددا...

بقي هكذا حتى عندما دست أمرآه غريبه يدها بذراعه..

نظر إليها بهدوء لم يكن متوقعا لموقف كهذا.. دون أن يرتسم على وجهه أي تعبير, كأنما أعتاد مثل هذا التصرف..

تكلمت المرآة: انك اهدأ شاب رايته بحياتي.. شخص غيرك كان سينزعج من تصرفي..

سام بعد ان أعاد بصره إلى العروسين: لا يهم..

ـ معك حق لا يهم.. كل شيء لم يعد يهم...

بقيا هناك يراقبان الضحكات وكؤوس الشراب المتطايرة والأنوار الخافته التي وضعت إطار الرومانسية على المكان..

أبعدت يدها تلك المرآة وأسندت ظهرها إلى الجدار وهيا تقول: لقد خاننا القدر يا سام..

وصمتت كما لو كانت تنتظر شيء بالمقابل..

و لكن لم تجد سوء الصمت من قبل سام..

فما كان منها إلا ان قالت بعد نفاذ صبر: يا لك من شاب كالتمثال لولا إني شاهدتك وأنت تدخل لقلت بأنك تمثال..

التفت إليها سام بشكل جدي وتفحص تقاسيم وجهها الجميلة..

كانت حقا بمنتهى الجمال ولكن ليست مثل هيلين.. هيلين أجمل لها عينان كزرقة الماء وشعر كستنائي اللون حريري..

أما هذه فشقراء.. قال بنفسه لا أحب الشقراوات إنهن لعوبات..

سام: ماذا تريدين؟!

ردت المرآة: أريد ان أتقاسم حزني معك..

صمت لوهله وأردف: انك أنانيه..

جفلت من طريقته بالكلام أكثر من الكلمة التي اتهمها بها.. فقد بدا كما لو انه يعرفها منذ زمن.. فطريقته بوصف شخصيتها.. تشبه ما كان خطيبها مارك يقوله ليلة انفصاله عنها...

قالت بغضب بعد ان تجمعت الدموع بعينيها: كيف تجرا ان تصفني هكذا انك حتى لا تعرفني..

قاطعها بكل هدوء: تفرضين علي حزنك لحمله.. لكن ماذا عني أنا؟؟.. من سيحمل حزني..؟؟

ـ إذا شاركني به..

ـ انك اضعف من ان تتحمليه..

ـ صدقني سأتحمله فحبيبتك هيلين قد خطفت خطيبي...

نظر إليها بنظرات ثاقبه وهادئه جعلتها ترتعش ولكنها لم تتوقف عن الكلام إذ قالت: نعم أخذت كلاي مني.. كنا سنتزوج لولا تدخلها في حياتنا.. أترى نحن متشابهان..

سام: لا أظن بأننا متشابهان .. أنتي شقراء..

رفعت حاجبها باستغراب من كلمته ولكنه أردف بدون مبالاة: ولا بد ان اسمك باتي أو تيفني..

ـ يالا شدة استنتاجك نعم اسمي باتي.. و لكن ما دخل لون شعري واسمي بالموضوع..

أجاب بكل حزم: أنا لا أثق بالشقراوات..ولكني أشفق على سذاجتهن..

وسار مبتعد بعد ان وضع يدا واحده بجيبه تاركا بركانا من الغضب خلفه..



بعدها بخمس سنوات شوهد أيضا سام يقف بجانب شجره يراقب هيلين وهيا تلاعب ابنها..

تجمدت نفس نظراته ونفس وقفته عندما كان بالعاشرة والخامسة والعشرين.. كما لو ان التاريخ يعيد نفسه..

وما هيا إلا لحظات وسار باتجاه مكتبه كونه يعمل محاسبا بإحدى الشركات..

وما إن خطت قدمه إلى ردهة الشركة حتى ناده موظف الاستقبال ..

وطلب منه الذهاب إلى المدير..

اتجه بكل هدوء دون ان يرد التحية على موظف الاستقبال الذي كان يقابله طوال تسع سنوات..

جلس أمام المدير الذي اخذ ينظر إلى بعض الأوراق متجاهل التمثال أمامه..

وبعدها تكلم بصوت أجش أشبه بصوت محركات شاحنه صدئه: سام ما أحوالك؟

ولكن سام لم ينطق بكلمه كعادته فقد كان ينظر بشرود إلى النافذة..

ولم يكن هذا التصرف غريبا على المدير الذي كان يظنه مجنون.. وقد كان يخشى سام إلى حد ما..

المدير: حسنا أظنك تعرف أني لم أستدعيك لكي أسال عن أحوالك..

التفت إليه سام بطريقته المعتادة ونظراته الثاقبة التي تجعل النار يتجمد أمامها..

وقال بصوت هادئ وواضح: نعم تريد رفدي من العمل..

انزلقت النظارات من على انف المدير قليلا مظهره عينين مندهشتين.. قال بعد أن أعاد نظارته إلى مكانها: كيف عرفت.. من أخبرك؟؟ أنا لم اخبر احد بعد!!

قال سام: أنا اعمل هنا منذ 9 سنوات ولا أرك سوء بالاجتماعات الرسمية.. فدعوتك لي اليوم إما ان تكون لترقيه وأنا أستبعد ذلك كوني أمضيت تسع سنوات أشاهد الجميع يتقدم باستثنائي..

المدير: أنا..

قاطعه سام: لا داعي لأضاعت الوقت سأذهب لأجمع أغراضي..

ودون أن يلتفت إلى المدير المشدوه من كل ما حصل منذ قليل أنسل سام سريعا خارجا من المكتب..

دون حتى ان تشعر به السكرتيرة..

وبينما هو يحمل صندوقا به كل أغراضه لحقت به كارولين..

التي كانت متيمه به ولكنه لم يحفل بها يوما..

كارولين: إذا قاموا بطردك الأوغاد.. لا عليك سأساعدك على البحث عن وظيفة.. أنت محاسب موهوب و..

قاطعها سام بكل هدوء: إن الصندوق ثقيل علي المغادرة..

وسار مبتعدا عنها وتوقف فجاءه وعاد أدرجه نحوها فشعرت ان قلبها يكاد يصرخ فرحا..

وقال لها: هل تسدين إلي معروفا.. تحظرين لي ورقة تزكيه من المدير فقد نسيت ان أخذها..

قالت بكل فرح: بالتأكيد سأحظرها لمنزلك نهاية الأسبوع..

شكرها وغادر..

وقف سام أمام باب شقته وهو ينظر إليها بعد ان أكلتها النيران..

كان يعلم بل متأكد ان من فعل به هذا هو صاحب البناء .. لأنه رفض ان يغادر الشقة بعد ان وجد جاك صاحب البناء مستأجر غيره يدفع أكثر...

ولكنه لم يقل كلمه بل وقف يحمل صندوقه بيده ويراقب رماد شقته أمامه..

الحريق لم يطل إلا غرفة المعيشة وجزاء من المطبخ.. أما بقية الشقة فهيا بخير..

تجاهل سام رجل الإطفاء الذي كان يقول كلمات بدت كهمهمه لم تصل إلى أذن سام الشارد تمام..

دخل الشقة وأغلق الباب خلفه..

فتقدم جاك وهو يخاطب رجل الإطفاء: انه غبي.. منذ وجوده لم يجلب لي سوء الحظ السيئ.. فقد ماتت قطتي باليوم التالي لوصوله للعمارة..

رجل الإطفاء: حسنا بما انك لن تقدم شكوى ولا هو, رغم ان الحريق بفعل فاعل.. فأظن من الأفضل إغلاق المحضر.. وإيقاف التنقيب عن الفاعل..

جاك: هذا جيد فلا فائدة من إقلاق المستأجرين..

اخذ سام حماما باردا كالعادة..

وذهب ليأخذ قسط من النوم.. ما هيا إلا دقائق ويأتي صوت التلفاز من الشقة المجاورة يصم الأذن..

فتح سام عينيه المرهقة وهو يعلم انه سيبقى مستيقظا طوال هذه الليلة..

حاول القراءة ولكن الصوت الصاخب لبرنامج المسابقات الذي كان يخترق الجدار من ثم أذنيه ليصل إلى رأسه مسببا له صداعا فضيع كان يشتت تفكيره..

نظر إلى الساعة وفكر ان يذهب اليوم أيضا للنوم خارجا..

ففتح باب شقته ووقف خارجا لبعض الوقت.. وقف بهدوء مظلم مخيف..

وسار إلى الشقة المجاورة لأول مره بحياته.. ركل الباب بقوه ودخل إلى الشقة..

فزعة السيدة العجوز التي كانت نصف نائمة.. بينما توجه سام إلى التلفاز وحمله بكل هدوء والسيدة المسنه ساكنه مكانها خوفا وهيا تشعر بان قلبها سيتوقف..

وقف أمامها سام ينظر إلى عينيها بكل هدوء وسألها: كم الساعة الآن سيدتي؟

إجابة: أنها الواحدة .. الوحدة بعد منتصف الليل..

ـ حسنا إذا نامي فقد بقيتي مستيقظة لوقت طويل...

ورفع التلفاز عاليا وتركه بكل هدوء وسار دون أن يلتفت ..

بينما وقع الصندوق المعدني بكل ثقله على رأس السيدة المسنه وفارقت الحياة..

أغلق الباب خلفه وعاد إلى شقته أكمل كتابه ونام...


باليوم التالي ..

أستيقظ سام بوقت متأخر  قرابة الثالثة ظهر فلا عمل ينتظر..

كان ما يزال يشعر بالتعب والكسل.. نظر إلى جهاز إعداد القهوة فوجده قد تلف مع الحريق..

فلم يكن بوسعه إلا ان اخذ ملعقة من القهوة المطحونة وتناوله مثل الأرز..

اغتسل سريعا ونزل من الشقة..

اخذ يجول بالطرقات لا يعرف أين يذهب..

عندما أتى صوتها : سام إلى أين سنذهب اليوم..

نظر إليها وشبح ابتسامه يداعب شفتيه: تمارا أنتي هنا..

ـ نعم ..

ـ أين أختفيتي البارحة..

قالت فتاة العشر سنوات: كنت عند السيدة العجوز ـ وضحكت بطريقه بريئة وأكملت ـ لقد علمتها كيف تحترم جيرانها..

ـ احذري بالمرة القادمة تمارا لا أريد ان أفقدك مجددا..

ـ لا تقلق كنت انظر إليها من بعيد .. لقد اختبأت في الخزانة كانت مظلمة حتى أنت لم تراني..

ـ إذا شاهدتي ما حدث..

ابتسمت له بمكر لا يتوافق مع براءة ملامحها: أنا أشاهد كل شيء سام.. وأردفت: هل ستنفذ وعدك لي الآن..؟؟

انحنى لها برقه وقال: نعم سأنفذ وعدي لك .. أظنه قد حان الوقت..

سار سام وهو يمسك بيد الصغيرة تمارا..

توقف أمام منزل هيلين وطرق الباب..

رحبت به هيلين بكل رقه وهيا تحمل ابنها الصغير جيكوب..

وبينما كانا يشربان القهوة اقترب ابن هيلين جيكوب من تمارا وقال: هل تلعبين معي..

ضحكت هيلين وقالت: لا تلقي بالا له سام انه دائما يتكلم إلى أصدقاء خيالين..

نظر إليها ببرود دون ان يرمش جفنيه..

أردفت بدورها هيلين : منذ ليلة الزفاف لم أرك سام.. ما هيا إخبارك؟؟

ـ ليس هناك الكثير.. بالأمس طردت من العمل, وقام صاحب البناء الذي أسكن فيه بحرق شقتي.. وقتلت سيدة خرفه..

ضحكت هيلين بصوت عالي جعل جو البيت الهادئ يهتز..

اخذ يحدق بها سام ويتذكر كيف كانت دائما تبتسم له..

هيلين: ما زلت مرحا كعادتك.. أتعلم أنا الوحيد التي كنت أرى فيك جانبا فكاهيا.. الجميع كان يخاف منك ويلقبوك بالجليد..

سام: نعم أنتي فقط من كنتي تذيبين الجليد..

صمتت الغرفة لوهله.. وقالت فجاءه هيلين بمحاوله فاشلة لتغير الموضوع: عذرا سام تركت الطعم على الموقد سأذهب لأراها..انتظر قليلا وسينظم لك كلاي فقد ذهب للمتجر..

وفي طريق هيلين الى المطبخ رن الهاتف..

هيلين: أهلا بك جورجيت..

وبدأت الثرثرة التي استمرت لعشرين دقيقة بين السيدتين...

ما ان فرغت من الهاتف حتى توجهت للمطبخ.. لتدرك أنها قد نسيت سام بغرفة المعيشة..

عادت لتعتذر منه ولكنه لم يكن بالغرفة.. فافترضت انه قد غادر..

توجهت بدورها لتكمل عملها بالمطبخ.. وما ان وصلت حتى رأت الدخان يتصاعد من الفرن..

أخذت تشتم بغيض كونها المرة الثانية التي تحرق الكعك..

وما ان فتحت باب الفرن وانجلى الدخان حتى جحظت عينها...

قال سام  من خلفها: ارجوا بأنك لا تمانعين فتمارا تشعر بالوحدة وطلبت احد تلعب معه..

تعلمين أنا اكبر من العب مع فتاة بالعاشرة من عمرها....

ارتفع شهيق هيلين مثل أصوات منشدين.. ورسمت دموعها عبارات ذاك النشيد..

وهيا تراقب ابنها المتفحم أمامها.. خيل إليها أنها قد جنت.. أو ان خيالها المهلوس قد رسم لها كل هذا وسط جنون من نوع ما..

أردف سام: بالمناسبة الكعك لذيذ فعلا.. يبدُ انك أصبحتي طباخه ماهره..

التفت هيلين إلى سام ودموعها تجري كشلال على وجنتيها..

قالت بصوت مخنوق: ابني.. جيكوب.. لماذا هو؟

جثا على الأرض جانبها وقال: لا استطيع ان ارفض طلبا لتمارا..

شعرت هيلين بدوار فضيع.. وبحرقه كادت ان تجعل صدرها يغلي بكل ما للكلمة من معنى..

نهضت بهدوء يخالف الأعاصير داخلها..

قالت : تنتقم مني لأني تركت؟؟

نهض سام وقال: كما قلت لك تمارا طلبت مني.. أما انتقامي فليس بهذه الرحمة..

نظر إلى الساعة وأردف: غريب أين هو زوجك؟؟

شهقت هيلين عندما رأت النظرات القاسية التي كان ينظر بها سام لها..

نفس النظرات رأتها مره عندما اعترض شاب طريقها وحاول أن يسرق حقيبتها..

نفس الهدوء المخيف.. قبل أن ينهال عليه ضربا...

وما هيا إلا لحظات وكانت هيلين تأن بالأرض من الضرب المتواصل من قبل سام..

ومن شدة اللكمات اختفت ملامحها تمام حتى لم تعد ترى من الدماء التي صنعت قناعا غطها بالكامل..

وبين الأنين والدموع التي صبغتها بالأحمر القاني قالت: لماذا؟.. لماذا كل هذه القسوة؟

رفع سام رأسها من على الأرض وحضنها بين ذراعيه وقال: أنتي فقط من يذيب الجليد داخلي.. أنتي فقط من يحرك المشاعر المتجمدة.. أظن انه لا داعي من انتظار كلاي أتعلمين لماذا؟

نظر إلى عينيها التي كانت أشبه بمصباحين يحدقان من عدستين دمويتين, وأردف: انه مع خطيبته السابقة.. لكن لا تقلقي سأجعله يدفع ثمن خيانته لك.. إلى اللقاء الآن عزيزتي هيلين..

طبع قبله على جبينها..  وحملها بين ذراعيه.. كانت بالكاد تحافظ على وعيها من شدة الضرب الذي انهال عليها من كل ناحية..

افرغ البراد من الأطعمة والأرفف.. وحمل هيلين وكومها بشكل عامودي بالبراد..

قال أخيرا: سأجمدك كما جمدتِ مشاعري هيلين..

هيلين بصوت مرتعش: أنا.. أرى تمارا..

أغلق سام باب البراد بالمفتاح ..

وسار مبتعدا بعد ان ذابت دمعه ساخنة من قلبه المتجمد..

صعد غرفة نوم هيلين وكلاي وجلس على السرير كما لو كان ينتظر احد..

تمارا: تنتظر كلاي أليس كذلك؟

سام: نعم..

أطلقت هتافا يدل على سعادتها وقالت: المزيد من الدماء والمزيد من الأصدقاء لي..

أرخى رأسه سام الذي اختفى نصفه مع ظلام الغرفة ولم يظهر منه سوى شفتيه التي تحركت بشكل أمر: غادري تمارا المنزل الآن..

قالت بعناد وغضب: ولكني أريد أن أشاهد ماذا ستفعل..

ـ قلت غادري..

ـ ولكني أريد رؤيتك وأنت تحرقه..

رفع رأسه ونظر إلى عيني شقيقته وهيا تتوسل بشكل شيطاني مخيف...

سام : قلت لك غادري الآن قبل أن اغضب..

ـ حسنا .. يا رجل الجليد. .أنت حقا تعرف كيف تنزع السعادة من قلبي..

واختفت تمارا من أمامه مثل الليل عندما يواجه الفجر..

دخل كلاي المنزل واخذ يبحث عن زوجته بعد أن يأس من كثر نداها..

ذهب إلى المطبخ ليرى الفوضى فأصابه الفزع..

اخذ يركض يمنى ويسر يبحث دون جدواه المنزل فارغ تمام.. اتجه إلى الهاتف ليطلب الشرطة..

فقد شعر أن شيء مخيفا قد أصاب أهل بيته..

عندما تعال صوت جرس الباب فجاءه...

أسرع بدوره إلى الباب ظنا منه أنها زوجته عندما صدم بالزائر..

كلاي: باتي ماذا تفعلين هنا..

ـ إن كنت تحبني فعلا فلماذا لا تخبر زوجتك بذلك..

ـ هششش.. قالها وهو يضع أطراف أصابعه على شفتيه, وأكمل: ليس الآن باتي.. أعدك قريبا.. ليس الآن..

قالت ودموع اليأس بعينها: لماذا ليس الآن..

ـ أنا قلق على هيلين..

ـ كنت اعرف انك تحبها ولا تحبني كنت اعرف..

ـ لا تكوني حمقاء .. إن هيلين مختفية وابني كذلك..

ـ ماذا؟!

ـ نعم يبدُ ان معركة دارت بالمطبخ وأنا لا أجدهم بأي مكان.. والأدهى من ذلك ان سيارتها ما زالت أمام المنزل.. أين ذهبت يا ترى..

ـ لا تقلق لا بد أنها ذهبت لتتمشى مع جيكوب أو إلى المتجر القريب من هنا..

ـ إنها الحادية عشر موعد نوم جيكوب باتي.. سأخابر الشرطة لا يمكن أن اسكت على هذا..

ـ حسنا وأنا سأحضر لك شيء تشربه لتهدى..

وما إن رد عليه الضابط حتى أتى صراخ باتي وصوت تحطم زجاج..

ألقى الهاتف من يده كلاي وأسرع الى المطبخ ليرى باتي جاثيه على ركبتيها وعينها قد اتسعت على أخرهما وأوصالها ترتجف دون توقف..

أسرع إليها كلاي وقال: ما الآمر باتي..

لم تتكلم تلك الأخيرة بل أشارت إلى البراد..

وبقي الاثنان يشاهدان تمثال هيلين المتجمد أمامهما..

أتى صوت من الخلف: تبدُ رائعة حتى وهيا نائمة أليس كذلك؟

التفت إلى الخلف كلاي وعلامة الغضب قد ملاءة عينيه..

كلاي : أنت.. يا لك من وحش..

أمال رأسه سام قليلا كما لو كان ينظر إلى لوحة ما وتعبير الرضا قد ارتسمت على محياه بطريقة تتناسب مع ملامحه الهادئة.. وقال: أنا وحش.. وأنت وغد خائن..

وسار خارج المطبخ فما كان من كلاي إلا ان لحق به ليتوقف فجاءه عند الباب وبدأت دمائه تتساقط من صدره..

سحب سام السكين من صدره ليقع بدوره كلاي على الأرض يتأوه..

سام: لن تعيش طويلا فنصل السكين يحتوي على سم الزرنيخ.. إنها أفضل طريقه لموت خائن..

وقفت باتي على باب المطبخ تنظر إلى حبيبها يلفظ أنفاسه الأخيرة..

سام: غادري..

قالت باتي ودموع الألم قد ملئت صدرها وفاضت من بوابة جفنيها: لن أغادر.. صحيح إني لن استطيع أن أقاتلك.. ولكني لن اتركه هنا, لن أتركك كلاي

وحضنته بين ذراعيها وقد فارق الحياة..

سام بكل برود: كنت أخاطب تمارا.. أما أنتي فحمقاء وأنا لا اهتم لأمثالك.. عموما لديك دقيقه واحده لتغادري قبل أن يشتعل المكان ويلتهمك أنتي وحبيبك الخائن..

وسار مبتعدا بعد أن ألقى عود ثقاب على الأرض الرطبة بالوقود..

تمارا تصرخ وبالكاد تستطيع لحاق سام: انتظرني سام..

ـ أنتي فتاة شقيه لا تسمع الكلام..

ـ قلت لك أحب رائحة الدماء.. وما أن أدركته حتى أكملت: لم تخبرني إلى أين سنذهب؟؟

ـ إلى منزل..

قاطعته بضجر: أوه هذا ممل..

أكمل سام دون ان يبالي بما قالته: كارولين..

ابتسمت تمارا بمكر: هذا أفضل..وبعد ان نذهب إلى كارولين هل يمكننا زيارة مكتب عملك ارغب برؤية المدير المضحك الذي تتكلم عنه.. أنت قلت انه يشبه العم توم..

ـ لك ما تريدين تمارا..

ـ وأيضا لا تنسى صاحب البناء جاك عليك أن تسأله كيف أروض قطه اللعين انه لا يستمع لي أبدا..

توقف سام ونظر إلى تمارا بحنان وهز رأسه موافقا لها..

فهتفت بدورها: أنا أحبك سام.. أنت أفضل أخ بالعالم.. حتى انك أفضل من سمانثا..

أمسكت بيده وهيا تبادله الابتسام.. وسارا معنا..

بينما كان هناك رجل مخمور يجلس بأحد الأزقة المظلمة القريبة.. اخذ ينظر إلى سام دون ان يلحظه هذا الأخير ..

وتكلم الرجل أخيرا بعد ان رحل سام كما لو كان يخاطب احد بجانبه: آه من هذه الحياة التي تجعل من شاب بكامل صحته يخاطب نفسه كالمجنون.. كم الحياة قاسية يا شرابي العزيز..

ورفع الزجاجة المليئه بالشراب وافرغ محتواها بجوفه..

وما هيا إلا دقائق حتى فقد الوعي من شدة سكره...



(انتهت)




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق